صارح طفلك وتحدث معه عن الموت
يحرص الكثير من الأهل على عدم الحديث عن ظاهرة الموت أمام أطفالهم مع أن هذا الأمر هو واقع حياتي لا مفر منه كما أن الأطفال يلاحظون ومنذ وقت مبكر بأنه طالما تموت الطيور والحيوانات وتذبل النباتات والأشجار من حولهم فان حياة الإنسان تنتهي أيضا إما في وقت متأخر أو أحيانا في مقتبل العمر لأسباب مختلفة ولذلك يرى المختصون النفسيون انه من الضروري بمكان تحضير الأطفال لقبول هذه الظاهرة والتعامل معها بواقعية لان ذلك يمكن له أن يجنبهم العديد من الإشكالات النفسية عندما يموت فجأة احد أقاربهم أو معارفهم أو أصدقائهم .
وتقول الطبيبة النفسية التشيكية ايفا يونغويرثوفا أنها من المؤيدين لممارسة الصراحة بالشكل الأكبر مع الأطفال في هذا الأمر فيما تنصح زميلتها الدكتورة الينا فافروفا البالغين بأن يبتعدوا عن ممارسة الكذب أو التحدث مع الأطفال بشكل مضلل في هذا المجال .
الطبيبتان النفسيتان تلتقيان في الرأي بأن الأهل يتوجب عليهم الحديث عن موضوع الموت مع الأطفال منذ الصغر ولكن باللغة المناسبة لأعمارهم واختيار الكلمات التي يعرفها الطفل ويمكن أن يساعد في إيضاح هذا الأمر الاستعانة بذبول النباتات أو موت الحيوانات .
وحسب رأيهما فانه يتوجب عدم القول للأطفال بان المتوفي ذهب إلى مكان ما كما يتوجب تجنب استخدام كلمة انه نائم لأنها تعتبر من التعابير المضللة للطفل .
وتنبه الدكتورة يونغويروثوفا إلى أن مثل هذه العبارات تجعل الطفل يعيش في وهم أن المتوفى سيستيقظ ، كما يمكن أن تجعله يشعر بالخوف عند التوجه إلى السرير للنوم وتضيف أن الناس المؤمنين يمكن لهم أن يقولوا للطفل مثلا بان المتوفى ذهب إلى السماء فيما ترى الكاتبة ياروسلافا باشتيكوفا انه يمكن الحديث مع الأطفال عن هذا الأمر عن طريق استخدام أسلوب الحكايات الأسطورية .
وتضيف بان والدتها قالت لحفيدتها عن وفاة جدتها مثلا بأنها تحولت إلى نجمة في السماء تضيء لهم الطريق في الليل. وترى بان الأطفال يفهمون عبر هذه الحكايات معنى الحياة بشكل أسهل كما أن الأطفال يستوعبون بسرعة وبشكل واقعي موضوع التغيرات الحياتية وان كانوا لا يفهمونها . وتؤكد باشتيوكوفا بان الأطفال الذين لم يسمح لهم بالمشاركة في جنازات أقارب لهم يحملون هذا الأمر معهم بشكل سلبي في أذهانهم لفترات طويلة أما ممارسة الكذب على الأطفال في هذا الأمر فلا يعتبر تصرفا لائقا بحقهم .
فهم الموت يتطور لدى الأطفال
تؤكد الدكتورة فافروفا بان فهم الموت ومكانته في الحياة يتطور عند الطفل بالصلة مع مستوى تفكيره وتجربته وتربيته واعتقاداته ونظرته إلى العالم التي يقدمها الأهل له غير انه يمكن القول بشكل عام بان الطفل حتى العامين من عمره لا يدرك الموت بشكل من الأشكال وينظر إليه على انه غياب مؤقت للشخص أما عندما يكون عمر الطفل بين الثانية والخامسة من العمر فانه ينظر إلى الغياب على انه غياب طويل لكنه يعتقد بأنه سيعود أما بعد الخامسة من العمر فيستطيع الطفل أن يستوعب أن الذي يتوفى لا يعود من جديد إلى الحياة .
لا تزيلوا الأشياء الخاصة بالميت
وتضيف الطبيبة بأن فهم الموت بشكل نهائي يتطور بالتدريج حتى سن التاسعة من العمر حين يقبل الإنسان نهاية الحياة على أنها قضية حتمية حتى بالنسبة له شخصيا ويستطيع الأطفال الذين يبلغون العاشرة من العمر أن يحلوا هذا الأمر بشكل واقعي والتفكير حتى بموتهم الشخصي أو موت مقربين منهم ولذلك فان عدم التحدث مع الأطفال عن هذا الأمر بعد وفاة أهاليهم يعتبر من أسوأ الخيارات التي يتم اللجوء إليها .
وتنصح الطبيبة بعدم إزالة الأشياء الخاصة بالمتوفى بل على العكس من ذلك ترى بأنه يتوجب تذكرهم دائما عبرها فصورهم مثلا تعتبر وسيلة إيضاحية ممتازة في هذا المجال كما أن وضع الزهور على قبورهم في المناسبات المختلفة يعتبر من الأشياء التي تربي لدى الأطفال حس احترام الموتى وإجلالهم والوفاء لذكراهم.